فصل: بيعة العهد.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.نكبة إتياخ ومقتله.

كان إتياخ مولى السلام الأبرص وكان عنده ناخوريا طباخا وكان شجاعا فاشتراه المعتصم منه سنة تسع وتسعين وارتفع في دولته ودولة الواثق ابنه وكان له المؤنة بسامرا مع إسحق بن إبراهيم بن مصعب وكانت نكبة العظماء في الدولة على يديه وحبسهم بداره مثل أولاد المأمون وابن الزيات وصالح وعجيف وعمر بن الفرح وابن الجنيد وأمثالهم وكان له البريد والحجابة والجيش والمغاربة والأتراك وشرب ذات ليلة مع المتوكل فعربد على إتياخ وهم إتياخ بقتله ثم غدا عليه فاعتذر له ودس عليه من زين له الحج فأستأذن المتوكل فأذن له وخلع عليه وجعله أمير كل بلد يمر به وسار لذلك في ذي القعدة سنة أربع وثلاثين أو ثلاث وثلاثين وسار العسكر بين يديه وجعلت الحجابة إلى وصيف الخادم ولما عاد إتياخ من الحج بعث إليه المتوكل بالهدايا والالطاف وكتب إلى إسحق بن إبراهيم بن مصعب يأمره بحبسه فلما قارب بغداد كتب إليه إسحق بأن المتوكل أمر أن يدخل بغداد وأن تلقاه بنو هاشم ووجوه الناس وأن يقعد بدار خزيمة بن خازم فيأمر للناس بالجوائز على قدر طبقاتهم ففعل ذلك ووقف إسحق على باب الدار فمنع أصحابه من الدخول إليه ووكل بالأبواب ثم قبض على ولديه منصور ومظفر وكاتبيه سليمان بن وهب وقدامة بن زياد وبعث إيتاخ إليه يسأله الرفق بالولدين ففعل ولم يزل إيتاخ مقيدا بالسجن إلى أن مات فقيل إنهم منعوه الماء وبقي ابناه محبوسين إلى أن أطلقهما المنتصر بعد المتوكل.

.شأن ابن البغيث.

كان محمد بن البغيث بن الحليس ممتنعا في حصونه بأذربيجان وأعظمها مرند واستنزل من حصنه أيام المتوكل وحبس بسامرا فهرب من حبسه ولحق بمرند وقيل إنه في حبس إسحق بن إبراهيم بن مصعب وشفع فيه بغا الشرابي فأطلقه إسحق في كفالة محمد بن خالد بن يزيد بن مزيد الشيباني وكان يتردد إلى سامرا حتى مرض المتوكل ففر ولحق بمرند وشحنها بالأقوات وجاءه أهل الفتنة من ربيعة وغيرهم فاجتمع له نحو ألفين ومائتي رجل والوالي بأذربيجان يومئذ محمد بن حاتم ابن هرثمة فلم يقامعه فعزله المتوكل وولى حمدوية بن علي بن الفضل السعدي فسار إليه وحاصره بمرند مدة وبعث إليه المتوكل بالمدد وطال الحصار فلم يقن فيه فبعث بغا الشرابي في ألفى فارس فجاء لحصاره وبعث إليه عيسى ابن الشيخ بن السلسل بالأمان له ولوجوه أصحابه أن ينزلوا على حكم المتوكل فنزل الكثير منهم وانقض جمعه ولحق ببغا وخرج هو هاربا ونهبت منازله وأسرت نساؤه وبناته ثم أدرك بطريقة وأتي به أسيرا وبأخويه صقر وخالد وأبنائه حليس وصقر والبغيث وجاء بهم بغا إلى بغداد وحملهم على الحجال يوم قدومه حتى رآهم الناس وحبسوا ومات البغيث لشهر من وصوله سنة خمس وثلاثين وجعل بنوه في الشاكرية مع عبد الله بن يحيى خاقان.

.بيعة العهد.

وفي سنة خمس وثلاثين ومائتين عقد المتوكل البيعة والعهد وكانوا ثلاثة محمدا وطلحة وإبراهيم ويقال في طلحة ابن الزبير وجعل محمدا أولهم ولقبه المستنصر وأقطعه أفريقية والمغرب وقنسرين والثغور والشامية والخزرية وديار مضر وديار ربيعة وهيت والموصل وغانة والخابور وكور دجلة والسواد والخرمين وحضرموت والحرمين والسند ومكران وقندابيل وكور الأهواز والمستغلات بسامر وماء الكوفة وماء البصرة وجعل طلحة ثانيهم ولقبه المعتز وأقطعه أعمال خراسان وطبرستان والري وأرمينية وأذربيجان وأعمال فارس ثم أضاف إليه سنة أربعين خزن الأموال ودور الضرب في جميع الآفاق وأمر أن يرسم اسمه في السكة وجعل الثالث إبراهيم وأقطعه حمص ودمشق وفلسطين وسائر الأعمال الشامية وفي هذه السنة أمر الجند بتغيير الزي فلبسوا الطيالسة العسلية وشدوا الزنانير في أوساطهم وجعلوا الطراز في لباس المماليك ومنع من لباس المناطق وأمر بهدم البيع المحدثة لأهل الذمة ونهى أن يستغاث بهم في الأعمال وأن يظهروا في شعابهم الصلبان وأمر أن يجعل على أبوابهم صور شياطين من الخشب.

.ملك محمد بن إبراهيم.

كان محمد بن إبراهيم بن الحسن بن مصعب على بلاد فارس وهو ابن أخي طاهر وكان أخوه إسحق بن إبراهيم صاحب الشرطة ببغداد منذ أيام المأمون والمعتصم والواثق والمتوكل وكان ابنه محمد بباب الخليفة بسامرا نائبا عنه فلما مات إسحق سنة خمس وثلاثين ولاه المتوكل وضم إليه أعمال أبيه واستخلفه المعتز على اليمامة والبحرين ومكة وحمل إلى المتوكل وبنيه من الجواهر والذخائر كثيرا وبلغ ذلك محمد بن إبراهيم فتنكر للخليفة ولمحمد بن أخيه وشكا ذلك محمد إلى المتوكل فسرحه إلى فارس وولاه مكان عمه محمد فسار وعزل عمه محمدا وولى مكانه ابن عمه الحسين بن إسمعيل بن مصعب وأمره بقتل عمه محمد فأطعمه ومنعه الشراب فمات.